العسل المر

يحكى ان رجلا حلم حلما فراى انه كان يسير فى الصحراء ...وفجاة هجم عليه وحش ففر هاربا ، وظل يجرى الى ان سقط فى حفرة وتعلق فى فرع شجرة ،وبعد ان هدأت انفاسه ابصر فأرين احدهما ابيض والاخر اسود وكانا يقرضان فرع الشجرة بلا تراخى حتى بدأ هذا الفرع يتزعزع ، فنظر الى فوق فرأى قليلا من العسل يقطر بين اوراق الشجرة وفى جهله وتراخيه تجاهل كل هذه الاخطار المحيطة به ... وبدأ يلعق هذا العسل الشهى نقطة ... نقطة...وظل الفرع المتعلق به يتزعزع وهو لا يدرى الى ان سقط وفقد حياته بسبب انشغاله بعسل العالم وشهواته ...
عزيزى
لو تأملنا معا فى هذه القصة ، سنجد ان الفأر الابيض هو النهار والفأر الاسود هو الليل وهما يقرضان فرع حياتنا بلا تراخى ، الايام تمر سريعا ونحن لا ندرى ... وفرع الشجرة هو حياتنا التى قد تنتهى فى اى وقت ... والوحش الذى فى الاحفرة هو الشيطان المستعد لابتلاعنا فى كل لحظة ... والعسل الذى يقطر هو مغريات العالم وشهواته .
ولو نظرنا لحياتنا سنجد ان كثيرين منا يشبهون هذا الرجل . كل ما يشغلهم هى حياتهم على الارض فينشغلون بما تقدمه لهم الدنيا من حلاوة وقتية ولا يبصرون الموت الذى يهددهم فى كل لحظة . ولكن الحقيقة هى ان حلاوة العالم ممزوجة بالمرارة وسعادتها خلفها حزن والم لذلك فليتنا نتيقظ ونعلم ان هذا العالم الذى نجرى خلفه انما هو سراااااااب ... فلا تنظر للعالم فى اغرأته ومظاهره الكاذبة ... بل انظر الى ما يخفيه خلف ظهره ولا يخدعك منظره الان بل ترقب ما سيكون له فى النهاية واعلم ان هذه الحياة التى نعيشها لابد ان تنتهى مهما طالت السنين ...
اننا نعيش فى زمن مجهول المقدار لا نعرف هل نحن فى منتصفه ام فى نهايته فربما لا اكون موجودا غدا فى عالم الاحياء وكم من كثيرين على ابواب الموت وهم لا يدرون !!!
قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اسلحة الظلمة ونلبس اسلحة النور (رو 13 : 12 )
انها نفس واحدة اذا خسرتها خسرت كل شىء. ابونا ارميا بولس