مقدمة
قال أحدهم إن الفارق بين بولس والمسيح ، هو الفارق بين الأسد المزمجر والحمل الوديع ، كلاهما لُطم على الخد ، وكلاهما حدث له هذا اللطم أمام رئيس الكهنة ، فتقبل المسيح اللطم بالوداعة المذهلة وهو يقول للخادم : « إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الردى وإن حسناً فلماذا تضربنى » ( يو 18 : 23 ) .. وقال بولس فى زمجرة الأسد لرئيس الكهنة الآمر بضربه : « سيضربك اللّه أيها الحائط المبيض . أفأنت جالس تحكم على حسب الناموس ، وأنت تأمر بضربى مخالفاً للناموس» (أع 23 : 3). ولم يلبث أن اعتذر عندما علم أنه رئيس الكهنة وهو يقول : « لم أكن أعرف أيها الأخوة أنه رئيس كهنة لأنه مكتوب رئيس شعبك لا تقل فيه سوءاً » ( أع 23 : 5 ) .. وقد كان بولس دائماً قريباً من روح المسيح ومثاله وقلبه ، وهو القائل : « كونوا متمثلين بى كما أنا أيضاً بالمسيح » ( 1 كو 11 : 1 ) ، فإذا كان السيد قد قال فوق الصليب عن قاتليه : « اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » ( لو 23 : 34 ) فإن بولس قال أيضاً لسجان فيلبى الذى كان مزمعاً أن يقتل نفسه : « لا تفعل بنفسك شيئاً ردياً لأن جميعنا ههنا » ( أع 16 : 28 ) .. لكن السؤال مع ذلك يبقى : وما العمل مع الإنسان الذى لم تفلح معه كل طرق المحبة والتسامح ، بل زادته شراً على شر ؟ إن الجواب واحد على الدوام بالنسبة للمسيح ، ولبولس ، ولنا فى كل العصور والأجيال ، وهو أن نسلم الأمر كله بين يدى اللّه أو كما قال الرسول بطرس عن السيد « بل كان يسلم لمن يقضى بعدل » ، ( 1 بط 2 : 23 ) وكما قال بولس ههنا : « ليجازه الرب حسب أعماله » ( 2 تى 4 : 14 ) . مع الحكمة والحذر فى التعامل مع الأشرار ، ... إن قصة اسكندر النحاس جديرة بأن تكون موضوع الدرس والتأمل ، ولعلنا نتابعها فيما يلى :
[b][center]